الحل تحت القبعة { قول مأثور لجواهر لال نهرو }

الحمد لله

الأخوة المحترمين أعضاء المنتدى
هذه أول مقالة متواضعة لي على منتداكم الكريم لعلها تستحوز تفكيركم بمضمونها وهو كيف يفكر الانسان للرقي والتقدم .

الحل تحت القبعة

ويتوقف تطور اقتصاد المعرفة بمفهومه الشامل على تربية العقل الإنساني تربية متكاملة . فالعقل أساس التكليف ، وهو شرف الإنسان وامتيازه . وبغياب العقل ينتفي التكليف وتنتهي المسئولية الاجتماعية ، والقانونية . وبغياب العقل تتوقف القدرة على التعلم والاختيار ، والاستخدام الأمثل للمعرفة . وكما تحول اقتصاد الآلات والعقارات والمصانع والمواد الخام إلى اقتصاد المعرفة ، فقد تحول التعليم من التركيز على المهارة اليدوية والعضلية إلى التركيز على المهارة العقلية . فالذي يملك العقل المتعلم ، المرن ، المتكامل ، هو الذي يملك الثروة والغنى .
وقد تنبهت اليابان إلى ذلك منذ أكثر من نصف قرن من الزمان . فيقال أنه في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، وبعد هزيمة اليابان ، استدعى رئيس وزراء الهند الشهير ، جواهر لال نهرو عام 1948 ، السفير الياباني في نيودلهي ، وقال له مواسيا ومعزيا : يبدو أنه لكي نكون دولة عظمى في عالم اليوم لابد من أن تتوافر لنا ثلاث مقومات : مئات الملايين من البشر ، ومساحات شاسعة من الأراضي ، ورصيد هائل من الموارد الطبيعية . وكأن لسان حال نهرو يقول : إنه يستحيل على اليابان أن تصبح دولة عظمى ؛ لأنها لا تملك هذه المقومات ... لكن السفير الياباني رد على استحياء – وقد فهم المغزى – قائلا : أشكركم يا سيدي ، ولكننا نعتقد أن الحل تحت القبعة . ويشاء الله أن يثبت خطأ مقولة نهرو وصحة مقولة السفير الياباني ، فإذا بثلاث دول مهزومة ، ولا يتوافر لها أي من المقومات الثلاثة التي ذكرها نهرو ، تصل إلى قمة الهرم بعد أقل من ثلاثين عاما من ذلك التاريخ ، وتمثل معجزة في التقدم والتنمية الشاملة ، وهي اليابان وألمانيا وسنغافورة . وأصبحت اليابان وحدها تسيطر على أكثر من ثلث صادرات العالم ! .
أما المؤكد فهو أن الذي صنع هذه المعجزة ، وهذا التقدم لهذه الدول ، ذلك الكنز الكامن تحت القبعة ؛ أي العقل البشري المكتشف للمعرفة ، والمبدع لها ، والموظف لها في حل مشكلات الحياة ودفع عجلة التنمية .
وأتمنى إن أكون قد وضحت إلى حد ما أن العقل يعمل الكثير والكثير للإنسان الذي يسعى للتطور والتقدم . مع وافر تحياتي وتقديرى .